الحرية
(بدأ الحملة محمد تومة – أبو إلياس، موظف بريد حلب من سوريا، في تاريخ 04-09-2004 والموقع http://www.alhurria.jeeran.com)
اعلن تضامنك وشارك بالتوقيع في هذه الحملة بالضغط هنا
مقدمة موضوع الحملة:
إن طريق الحقيقة والتي تسعى دائماً للبحث عن الحقيقة تتعاطف دائماً وأبداً مع كل إنسان مظلوم إى أن يصل إلى حقه في العدالة الإنسانية.
نص خطاب الحملة:
طريق الحقيقة رقم 13
شعارها: 1- لا أحد يملك الحقيقــة .
2- أنا أبحث عن الحقيقة .
3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
هدفها: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي والحرية للكردي .
————————————
” من أحق الإيمان قول كلمة حق عند سلطان جائر ”
1- الشرق الأوسط . هل بدأ طوفان نوح جديد ؟
2- الشرق الأوسط والصراع بين سياسة سكين الجزار وسياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان.
3- الشرق الأوسط ومفهوم الديمقراطية. ومفهوم غصن الزيتون وحقوق الإنسان والقضية الكردية.
4- الشرق الأوسط والصراع بين الكسب المشروع . والكسب غير المشروع .
5- كلمة ختامية لا بد من قولها.
—————————————-
1- الشرق الأوسط . هل بدأ طوفان نوح جديد ؟
قبل ثماني سنوات كتبت دوحة الحرية . وتنبؤاتي في طريق الحقيقة بحدوث طوفان نوح جديد في الشرق الأوسط . ترى هل كان طريق الحقيقة صادقاً في تنبؤاته ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من شرح أسطورة طوفان نوح . هناك مصدرين لتاريخ هذه الأسطورة . الأسطورة الشعبية والقرآن الكريم . ولنترك القرآن الكريم لعلماء الدين . ولنشرح تاريخ هذه الأسطورة من الأدب الشعبي علنا نأخذ منها العبرة. لمن يريد أن يعتبر وينقذ نفسه من الهلاك .
تقول الأسطورة الشعبية : إن مكان حدوث هذا الطوفان هو الشرق الأوسط وقد تعرض أمم وشعوب الشرق الأوسط في غابر الأزمان لأبشع أنواع الحقارات وتعرضت الحياة الإنسانية بين البشر لخطر شديد نتيجة للظلم والقهر والجهل والتخلف . ونتيجة لهذه الحالة أراد الله سبحانه وتعالى أن يعاقب هذه الأقوام والشعوب بإفنائهم جميعاً لأنهم لم يعرفوا كيف يعيشوا مع بعضهم البعض كبشر . فطغى الظلم والاستبداد والقهر بينهم . ولكي لا تبقى المنطقة بدون حياة . أمر الله سبحانه وتعالى النبي نوح عليه السلام ببناء سفينة ويضع فيها من كل حيًٍ زوجاً . فواصل سيدنا نوح الليل بالنهار لبناء سفينة وكاد أن يشرف على نهايتها . ولكن الذي حدث من فسق القوم وسخريتهم من كل عملٍ جميل ومبدع . أن حولوها إلى مرحاض يلقون بها قذارتهم وعلى مرأى من سيدنا نوح . رفع سيدنا نوح يده إلى السماء وخاطب ربه الكريم وناجاه ، وقال والحزن يكاد أن يقتله : يا رب يا خالق الأرض والسماء لماذا يحدث هذا لسفينتي التي أمرتني ببنائها لتكون سفينة خلاص للحياة على الأرض من بعد الطوفان ؟ فجاء الجواب من ربه الكريم : ” ألم أقل لك أن لا تشتكي من كل ما تراه وتسمعه من كل هؤلاء الناس الفاسقين وتصبر ” وسكت سيدنا نوح عليه السلام .
ثم دارت الأيام واقتربت ساعة الطوفان . والسفينة ملأى بالأقذار ولم يستطعْ سيدنا نوح أن يضع فيها أيَّ شيء . وأمر الله سبحانه وتعالى بنشر داء الجرب بين هذه الأقوام والشعوب وتحول أجسامهم إلى جروح ملأى بالقيح وأصابتهم حكة لا تطاق . وانقلبت حياتهم إلى جحيم وحرم النوم في أجفانهم وحدثت المفاجأة… وبالصدفة ذهب أحد الناس وكالعادة إلى السفينة ليلقي بقذارته فيها وإذا به يقع في وسط القذارة فما كان على هذا الشخص إلا أن يذهب إلى النهر ليغتسل من القذارة والمفارقة العجيبة التي ظهرت هو شفاء هذا الشخص من مرض الجرب تماماً . وانتشر خبر شفاء هذا الإنسان من المرض بسرعة البرق بين الناس . وزحف الناس بالآلاف نحو السفينة يدهنون أجسادهم بهذه القذارة التي ألقوها فيها . وبدؤوا يلحسون حتى بلسانهم . وتم تنظيف السفينة تماماً . وكانت الفرحة عند سيدنا نوح عليه السلام . وجاءه الأمر من ربه بتحميل السفينة من كل حيٍّ زوج. وحلت ساعة الحساب وغرقت المنطقة بالكامل بكل أقوامها وشعوبها وبعد أن هدأ الطوفان وظهرت اليابسة رست السفينة فوق جبل جودي في كردستان. ومن هناك بدأت الحياة مرة ثانية في المنطقة إلى يومنا هذا وهذا بالمختصر المفيد تاريخ هذه الأسطورة الشعبية والمذكورة في القرآن الكريم . ترى هل يعود التاريخ ويكرر نفسه مرة أخرى ؟ هذا ما نعيشه اليوم وإليكم الدليل .
2- للشرق الأوسط بأممه الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية والصراع بين سياسة سكين الجزار وغصن الزيتون:
في الحلقة السابقة من طريق الحقيقة . ذكرت أن هناك صراع بين ثلاثة سياسات في العالم :
1- سياسة سكين الجزار .
2- سياسة العصا .
3- سياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان .
لقد خرجت سياسة العصا من الصراع والتي كانت تتزعمها الكتلة السوفيتية السابقة ولا زال الصراع في الشرق الأوسط قائماً بين سياسة سكين الجزار وسياسة غصن الزيتون . ومن المفارقات التاريخية الغريبة التي ظهرت في الشرق الأوسط : قرار أمريكا صاحبة إبداع سياسة سكين الجزار بترك هذه السياسة فقد ظهر لها خصم قوي وهو سياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان وبدأت تحسب لها ألف حساب .
إن المفارقة العجيبة مع أمريكا الرأسمالية صاحبة الشركات الاحتكارية والسياسة الإمبريالية في العالم تشبه سكان تلك القرية الذين قرروا ترك عادة التدخين . وإليكم القصة من الأدب الشعبي والتي كتبنا عنها في الحلقة السابقة : سكان قرية قرروا ترك عادة التدخين بعد أن شعروا بضررها . ولكن سكان القرية انقسموا إلى قسمين . قسم يؤيد ترك التدخين والقسم الآخر معارض . والغريب في الأمر أن القسم الذي أيد بترك التدخين كان يملك القدرة الشرائية للدخان . والقسم المعارض لا يملكون ذلك . وفي اليوم الموعود لإعلان قرار ترك التدخين اجتمع المؤيدون والمعارضون معاً . وتكلم المؤيدون عن رأيهم وعن السبب الذي تطلب منهم ترك عادة التدخين وبينوا كافة الأضرار التي تلحق الأذى بالإنسان . فسأل المؤيدون المعارضين : لماذا تعارضون ؟ فقال المعارضون : نعم إن كل ما قلتم عن الأضرار التي تلحق بالإنسان صحيح . ولكن الدخان أصبح في دمائنا ولا نستطيع تركه حتى الموت . لكن المشكلة كوننا لا نملك المال لشراء الدخان . فإذا تركتم التدخين ، فمن أين سنحصل على أعقاب السجائر التي ترمونها لنشربها ومن أجل هذا نعارضكم . هذا الوضع بالضبط ما نعايشه اليوم في الشرق الأوسط مع سياسة سكين الجزار وأمريكا.
إن أمريكا صاحبة سياسة سكين الجزار تنادي بالديمقراطية وترك عادة ممارسة سياسة سكين الجزار . ونحن نتمسك بها في الشرق الأوسط لأنها أصبحت تسري في عروقنا. لقد أصابت هذه السياسة أجساد شعوبنا بمرض الجرب . وبدأ يسيل منها القيح ومع ذلك لا زلنا مصرين على تطبيق سياسة سكين الجزار حتى الموت .
شعوبنا في المنطقة تزداد عدداً كل يوم وتطالب بالحياة الكريمة وبممارسة حريتها . وفق سياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان . لقد كلت وملت من سياسة سكين الجزار وأفلست ولم يعد يقبلها التاريخ مهما تكن أيديولوجيتها علمانية أو دينية أو قومية أو طبقية. إنهم يريدون امتلاك الجرارات والسيارات والبرادات والتلفزيونات والتلفون …إلخ ويريدون أن يسكنوا مساكن صحية ويريدون الدواء . ويريدون فرص العمل . ولكن سياسة سكين الجزار أصابتهم بمرض الجرب والحكة في أجسادهم لا تطاق حرمت عليهم النوم . وتحولت حياة الأمم الأربعة : العربية والفارسية والتركية والكردية إلى مأساة حقيقية . وبعد مخاض عسير ظهرت سفينة النجاة في الوطن العراقي بظهور الدستور العراقي . إنها أول وثيقة تاريخية ظهرت في العراق بعد وثيقة حمورابي وإن من يقرأها بعمق سيجد فيها سفينة النجاة للشرق الأوسط بأممه الأربعة . إنها أول وثيقة لسياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط . فيها الحق لكل إنسان بصرف النظر عن قوميته ودينه ومذهبه وجنسه ولونه . وإنها تبشر بالأمن والسلام الاجتماعي بين بني البشر وبين الشعوب الأربعة . وهي الوثيقة الأولى التي تبشر بتكريس خيرات وثروات هذا الوطن لخير بني الإنسان بصرف النظر عن قوميته ومذهبه وجنسه ولونه . وتفتح المجال أمام توفير فرص العمل للكسب الحلال والقرش الحلال .
ومن هنا بدأ الصراخ والعويل لأصحاب سياسة سكين الجزار في الشرق الأوسط يتعالى وبدؤوا بإلقاء قذارتهم في هذه السفينة تماماً كما حصل مع سفينة نوح عليه السلام .
وطريق الحقيقة تقول لهؤلاء : إن مرض الجرب الذي أصاب جسد الأمم الأربعة في الشرق الأوسط نتيجة لسياسة سكين الجزار التي مارستموها خلال القرن العشرين لا تشفيها سوى إزالة هذه الأقذار . وإن طريق الحقيقة نتيجة لقراءتها للتاريخ بعمق تقول : لا خلاص لنا من الغرق بطوفان نوح جديد سوى سلامة هذه السفينة وإزالة هذه الأقذار التي ترمون بها .
إذا كنتم تريدون الحياة . اتركوا هذه السفينة نظيفة ليكمل بناءها لأنها السفينة التي ستنقذ الشرق الأوسط من الهلاك . وإن سياسة غصن الزيتون وحقوق الإنسان قد ظهرت وأشعلت شمعة فما على الآخرين إلا أن يشعلوا شمعات أخرى في الأماكن الأخرى . ليعود الشرق الأوسط إلى سابق عهده . في التاريخ مهداً للحضارات ومنبعاً للرسالات السماوية . بدلاً من تصدير الإرهاب والقتل. وموطناً للسجون والمشانق وانتهاك حقوق الإنسان والقبور الجماعية بالمحصلة مرض الجرب.
3- الشرق الأوسط ومفهوم الديمقراطية . ومفهوم غصن الزيتون . والقضية الكردية :
يجري اليوم جدل عقيم بين النخب الثقافية والسياسية في المنطقة حول مفهوم الديمقراطية . ويكاد الكل يجمعون على أن الديمقراطية هي الدواء الشافي لمرض الجرب والذي أصاب شعوب المنطقة .
وطريق الحقيقة كونه يملك جزءاً من الحقيقة ومن حقه أن يعبر عنها . إن هذا الجدل والنقاش يشبه المثل الشعبي القائل : ” دق الماء وهي ماء ” إن هذا الجدل والنقاش حول الديمقراطية هو مضيعة للوقت ولا يمكن أن يكون دواءاً نافعاً لمرض الجرب .
إن التاريخ في الشرق الأوسط قد تجاوز مفهوم الديمقراطية كما ظهر في الغرب وإن ممارسة السياسة ووضع الدساتير على هذا المفهوم لا يشفي جسد أممنا من مرض الجرب . ولكن كيف ذلك ؟
إن مفهوم الديمقراطية كما نفهمه وكما ظهر في العالم الغربي يتضمن جوهره الثقافي والسياسي على الآتي :
1- من الناحية التشريعية قائم عن التشريع الوضعي والشعب هو مصدر السلطات .
2- الديمقراطية تعني التعددية السياسية أي أحزاب مختلفة ومتعددة .
3- تداول السلطة عن الطريق الانتخاب الحر النزيه .
4- قبول الآخر المختلف عنه .
5- حق تشكيل أحزاب ومنظمات المجتمع المدني .
6- سلطات ثلاثة تشريعية منتخبة وتنفيذية وقضائية .
7- مبدأ فصل السلطات .
8- فصل الدين عن الدولة ، عن السياسة ، دولة علمانية …إلخ
وطريق الحقيقة تقول إن هذه الديمقراطية لا يمكن تطبيقها في الشرق الأوسط ولا يمكن أن تكون دواءً لمرض الجرب الذي أصابنا من هذه الديمقراطية . والبديل لهذه الديمقراطية هو ديمقراطية غصن الزيتون وحقوق الإنسان . ولكي يكون كلامنا هذا واضحاً نقرأ التاريخ خلال القرن العشرين لنرى كيف كانت النتائج لهذه الديمقراطية .
لقد كان المحك أو الميزان لهذه الديمقراطية هو القضية الكردية فالديمقراطية التي مورست في تركيا والوطن العربي وإيران والتي يعيش فيها الشعب الكردي كانت وفق الأشكال الآتية:
1- الديمقراطية القومية والشعب الكردي:
لقد طُرح مفهوم الديمقراطية في الوطن العربي وتركيا وإيران . وأراد أصحاب هذه الديمقراطية القومية ديمقراطية قومية خالصة نقية من أية شوائب . لقد طبقوا كل بنود الديمقراطية كما ظهرت في الغرب إلا بنداً واحداً وهو قبول الآخر المختلف عنه . أي أرادوا ديمقراطية للعربي والفارسي والتركي وهذا يعني تجاهل وإنكار عشرين ملوناً من الأكراد في تركيا وعشرة ملايين مع العرب وثمانية ملايين مع الفرس . لقد قبل بالكردي أن يشارك بالسلطة واستلام أية منصب بشرط أن ينكر قوميته الكردية . فإما أن يكون عربياً أو تركياً أو فارسياً . وإذا بقي مصراً على قوميته الكردية فلا يحق له سوى أن يكون عبداً وخادما ومواطناً من الدرجة العاشرة . وهكذا انقسمت المجتمعات العربية والفارسية والتركية إلى قسمين : السيد والعبد . لقد أرادت هذه المجتمعات من التاريخ وخلال القرن العشرين أن يكونوا أحراراً ويحظون بالتقدم والازدهار والتطور والانتقال من مجتمعات الإنتاج الطبيعي إلى مجتمعات الإنتاج الصناعي فأعطاهم التاريخ عكس ذلك تماماً وأصيب جسد هذه المجتمعات بمرض الجرب وبدأ القيح يسيل من جروحهم وتؤرق الحكة أجسادهم وتحرمهم النوم من عيونهم وبدأت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ووحش البطالة يهدد أرواح آلاف من الناس يومياً . إن أصحاب الديمقراطية القومية أرادوا الديمقراطية بين العربي والعربي والتركي التركي والفارسي الفارسي خالصة مخلصة . والنتيجة فقدان الديمقراطية بينهم وبين الكردي وتأزم الوضع مع بداية القرن الحادي والعشرين في الأمم الأربعة . لقد سن أصحاب الديمقراطية القومية العربية والفارسية والتركية دساتير خالية من ذكر كلمة الكردي حتى بالاسم ناهيك عن الحقوق الإنسانية الواردة في وثيقة حقوق الإنسان الكونية ظناً منهم بأنها هيَّ الحقيقة . ترى هل يمكن تحقيق مثل هذه الديمقراطية القومية .تحقيق الحياة الإنسانية الكريمة لشعوبنا حتى ولو جرينا وراءها مائة سنة أخرى ؟
فإذا لم تعط الحياة الإنسانية الكريمة خلال قرن كامل ، فلماذا نضيع الوقت في مناقشتها وندق الماء ما دام هذا الدق لا يعطي سوى الماء ؟ ولماذا ساستنا مصرون على تبنيها ومتابعة السير بها لقرن آخر ؟
2- الديمقراطية الدينية والشعب الكردي :
لقد ظهرت خلال القرن العشرين ديمقراطية أخرى في الشرق الأوسط باسم الدين . هذه الديمقراطية ظهرت كرد فعل للديمقراطية القومية . فكانت نتائجها كالآتي :
الديمقراطية الدينية التي ظهرت بين العرب تحولت إلى ديمقراطية المذهب . والديمقراطية الفارسية والتركية تحولت إلى ديمقراطية دينية شوفينية فارسية وتركية .
والديمقراطيات الثلاث العربية والفارسية والتركية أرادت أن تكحل عيون شعوبنا في الشرق الأوسط بطريقتهم الخاصة . فبدلاً من أن يكحلوا عيون شعب الشرق الأوسط بطريقة آمنة للمحافظة على عيون شعوبهم سالمة . قد أعمت هذه الديمقراطية عيون شعوبها . وذلك طبقاً لقول المثل الشعبي ” جاءت لتكحلها فأعمتها “. فالديمقراطية العربية الدينية التي مارست السياسة ألبست ثوب المذهب واعتبرت كل المذاهب الأخرى في الدين كفار وخارجين عن الدين ومجرمون وحلل سفك دمهم . ولا يجوز لهؤلاء الكفرة والخارجين عن الدين المشاركة في السلطة السياسية .
أما الديمقراطية الدينية التي ظهرت في إيران بعد ثورة الخميني على العلمانيين أي الديمقراطية القومية . فألبست ثوب الشوفينية الدينية الفارسية واعتبرت نفسها خليفة الدين في الأرض وما على الشعوب الإسلامية الأخرى إلا أن تفهم الدين من الشوفينية الفارسية وحاولت تصدير ثورتها وديمقراطيتها إلى الشعوب الأخرى . فجاءتها الحرب العراقية الإيرانية لثماني سنوات وكانت نتيجتها عمى عيون الشعب العراقي والإيراني المسلم على السواء .
وأنكرت الحق الإسلامي والإنساني باسم الدين للشعب الكردي بعيداً عن الآيات القرآنية الواردة ذكرها بهذا الخصوص .
هذه الديمقراطية الدينية الفارسية كما فهمتها الثورة الخمينية لكي يكون للكردي حق إنساني . عليه أن يكون مسلماً فارسياً . وحالما يقول أنه كردي مسلم فلا يحق بموجب الديمقراطية الدينية الفارسية أية حقوق لا قومية ولا إنسانية ويعتبرون من أهل الذمة وبذلك تحول المجتمع الإيراني إلى سيد وعبد .
لقد انقلب سحر هذه الديمقراطية الدينية الفارسية على المجتمع الإيراني بالذات فها هي القوى المحافظة تطيح برؤوس كافة الإصلاحيين الإسلاميين الفارسيين في الانتخابات التي جرت في إيران عام 2004 مـ وبذلك حفرت هذه الديمقراطية قبرها بيدها وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة . أما الديمقراطية الدينية التركية فقد ركبت هي الأخرى الحمار بالمقلوب بعد أن فازت بالانتخابات الشعبية . فبدلاً من تصحيح ما أفسدته الديمقراطية القومية وتكحل عيون الشعوب التركية بطريقة دينية بغية المحافظة على عيون الشعوب التركية سالمة وتحقق الأمن والسلام الاجتماعي بين شعوب تركيا المسلمة . زادت من حالة الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وهاهي تطرق باب الاتحاد الأوربي صباحاً ومساءاً علها تجد حلاً لأزمة شعوبها . إنها تريد فرض أسلوب تكحيلها للعيون بالطريقة الدينية الديمقراطية على الشعوب الأوربية التي سادت فيها مؤسسات وثقافة المجتمع المدني والنظم السياسية الديمقراطية العلمانية وشريعة حقوق الإنسان بعد أن خاضت حربين عالميتين للتخلص من الثقافة الاستبدادية القديمة . إنها تريد من أوروبا أن تقبلها بديمقراطيتها الدينية وهي تنتهك كل يوم آلاف الانتهاكات لحقوق الإنسان . وإنها تحاول رشوة أوروبا بموقعها الجيوبولوتيكي . وأيضاً لمشاريع شركاتها مقابل قبولها كما هيَ أي بديمقراطيتها الدينية . هي أيضاً لا تقبل الكردي إلا كأخ تركي مسلم . أما أن تقبله كأخ كردي مسلم فهذا حرام في الإسلام . لأن القرآن الكريم لا يؤيد هذا الحق للكردي . هكذا يفهم أصحاب الديمقراطية الدينية الإسلام في تركيا .
لقد زرعت الديمقراطية القومية والديمقراطية الدينية الحقد والكراهية وإنكار الحقوق الإنسانية بين أبناء شعوبنا عن طريق برامج تعليمية وسياسية . وربت على أساسها أجيالاً.. من الصعب التخلص منها . ومن آثارها المدمرة التي ستنتج عنها .
إن شعوب العالم تسير نحو الأمام والوئام والسلام والتطور . ونحن نسير نحو العنف والحروب والدمار والخراب .
إن النظم السياسية والثقافية التي زرعتها الديمقراطية القومية والدينية أصابت الشعوب الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية بمرض الفساد وتحول جمهورياتنا وملكياتنا إلى مزارع خاصة للاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان ومن الصعب أن نتخلص منها .
لقد تحول أصحاب هذه المزارع إلى أصحاب المليارات يسكنون القصور الفخمة ويملكون ألوف السيارات الفاخرة والرساميل الضخمة في البنوك الأجنبية . وموائدهم ملأى بجميع أنواع اللحوم والفواكة . وأجهزة التبريد عندهم ملأى بكل ما يشتهيه الإنسان حتى حليب العصفور موجود فيها .
وبالمقابل نسبة ثمانون بالمائة من أبناء شعوبنا مع كامل عائلاتهم . بيوتهم خالية من أي تجهيزات عصرية . وطاولاتهم خالية من أطايب الطعام . وأولادهم يشمون رائحة اللحم المشوي المنبعث من بلاكين الناس المنتفعين .
وإن ما يكسي أجساد أفراد عائلاتهم هو من لبس البالة المستوردة من أوروبا .
وإن نسبة ثمانون بالمائة من شعوبنا يموتون وهم يحلمون بامتلاك سيارة وبراداتهم التي ملكوها لا تحوي سوى بقايا خضروات من الدرجة العاشرة . وثمانون بالمائة لا يملكون ثمن رغيف الخبز . ولا فرص العمل الشريف . وبدؤوا يسترخصون عرضهم والتي هي كرامتهم الإنسانية بغية الحصول على المال . ونسبة ثمانون بالمائة من أبناء شعوبنا قد قطعت ألسنتهمم وتحولوا إلى خرسان ممنوعون حتى من الصراخ .
هذا ما جنيناه من الديمقراطية القومية والدينية خلال قرن كامل . فهل بقي شيء اسمه ” الكرامة الإنسانية في الشرق الأوسط ” ؟
وهنا لا بد من السؤال : ترى إذا كانت الديمقراطية القومية والدينية سبباً لكل هذه الأمراض الخطيرة فلماذا أصحابها يتمسكون
بها ؟ ونتابع البحث عن الحقيقة .
4- الشرق الأوسط بأممه الأربعة والصراع بين الكسب المشروع والكسب الغير مشروع :
لدى كتابتي عن الكسب المشروع والغير مشروع تذكرت تلك الحكمة القيمة التي كان آباؤنا وأجدادنا يرددونها على مسامعنا دائماً وأبداً وكانوا يقولون ” يا بني إن قرشاً واحداً حلالاً يساوي ألف قرش حرام ” .
هل كان آباؤنا وأجدادنا محقين في تربيتنا في هذه الحكمة ؟
واليوم ونحن نعيش مع هذه الحالة من الأزمات لا بد من أن نقول كم كنتم أيها الآباء والأجداد رجالاً حكماء عظاماً . وها نحن أحفادكم نعيش مع عالم اليوم خائفين من المستقبل والأخطار تحيط بنا من كل الجهات من الداخل والخارج . لقد أدرنا ظهرنا لحكمتكم ونسيناها وتركنا كسب القرش الحلال . وركضنا وراء كسب القرش الحرام . ولنتابع طريق الحقيقة…
إن الكســــب المشروع يعني القرش الحلال .
والكسب الغير مشروع يعني القرش الحرام .
وباللـغـة الســياســــــــية يـعـنـي الفســــــــاد.
وبالـلـغــة الـعـامـيـة يعني الرشــــــــــــــوة .
وبالـلـغـة الصحية يعني مرض الســــرطان .
وباللغـة الـحـقـوقـيـة يـعـنـي فـقـدان الـعـدل .
وباللـغـة الـديـنـيـة عــدو الله .
هذا هو بالمختصر المفيد . الكسب الحلال والكسب الحرام .
لقد كتبت في مسلسل طريق الحقيقة عن هذا المرض الخطير وحذرت من مساوئه على الإنسان والمجتمع والوطن والعدالة عندما كان المرض في بدايته ويمكن معالجته .
ولكن بعد أن انتشر المرض إلى جسد الأمة أصبحت نهايتنا في الأمم الأربعة واضحة . وبدأت العوامل الداخلية والخارجية تضغط لتطلق رصاصة الرحمة علينا . فإذا كان الأمر هكذا . هل نستسلم للموت ؟ وطريق الحقيقة يقول كلا لا يمكن أن نستسلم للموت لأن غريزة الحياة لدى الإنسان أقوى من غريزة الموت . إن ما يميز الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى هو الأمل . فلولا الأمل لما استطاع الإنسان أن يعيش في الحياة وهو في صراع دائم مع الطبيعة . والحياة الاجتماعية المعقدة . فلا بد من مقاومة المرض ومعالجته… ولكي يمكن معالجة المرض لا بد من معرفة نوع الميكروب الذي يسبب المرض . فبدون معرفة نوع الميكروب لا يمكن وصف الدواء . لأن لكل داء دواء . ولنتابع تشخيص المرض علنا نستطيع معرفة حقيقة المكروب الذي يسبب لنا المرض . إن طريق الحقيقة ترى أن ينبوع الكسب الحرام . والقرش الحرام هو النبع الذي يمدنا بهذه المياه الملوثة التي نشربها ويشربها أولادنا . ويصيبنا بكل هذه الأمراض .
ترى ما الذي يدفع الإنسان للسير وراء الكسب الحرام ؟
وجواباً لهذا السؤال نقول : إن الإنسان يملك من الغرائز والعواطف والمشاعر والإحساسات والخيالات لا حدود لها . وإن غريزة التملك لدى الإنسان تأتي بالدرجة الثانية بعد غريزة الحياة . وإن ما يثير لعاب هذه الغريزة بشكل كبير هذه الأيام هو ظهور إنتاج المجتمعات الصناعية بكافة صفوفه التكنيكية . الأطعمة والألبسة والمساكن الفاخرة .
إن كل إنسان يحلم صباحاً ومساءاً بامتلاك هذا التكنيك والطعام واللباس والمسكن الفاخر . ومن أجل إشباع هذه الغريزة لا بد من كسب المال الذي يساعد على اقتناء هذه الضرورات الحيوية للإنسان .
ولكن المال لا يهبط من السماء ولا ينبع من الأرض . المال يولد من الإنتاج الوطني والثروة القومية . والإنتاج لا يمكن أن يتم إلا اجتماعياً .
وإن هذا المجتمع لا بد من سلطة سياسية تنظم وتدير شؤون الناس ومن هنا برزت أهمية العامل السياسي . ومن هنا بدأ الكسب الحرام . والكسب الحلال .
السياسة وحش كاسر ذو أنياب ومخالب قوية وطويلة إذا لم يتم تقييده وضبطه بضوابط دستورية وحقوقية وشعبية ، سينهش جسد المجتمع والوطن والإنتاج القومي بكامله .
هناك نوعان من السياسة :
1- سياسة تؤدي إلى الكسب الحرام . وتكون عاملأ في خلق مرض السرطان في جسم الأمة.
2- سياسة تؤدي إلى الكســب الحلال وتكون عاملاً في خلق مناخ الحرية والإبداع والتطور .
1- سياسة الكسب الحرام :
ترتكز هذه السياسة على العوامل التالية :
1- أيديولوجيتها مبنية على فلسفة الديمقراطية القومية والدينية الشوفينية .
2- دستورها مبني على سياسة وفلسفة سكين الجزار .
3- عدم وجود سلطة رابعة حرة في التعبير .
4- عدم وجود مؤســــسات المجتمع المدني .
5- ثروة الأمة مكرسة لخدمة عشرون بالمائة من المجتمع . وثمانون بالمائة لهم الفتات .
إن الدستور الذي يدار به المجتمع والمشروع وفق فلسفة الديمقراطية القومية والدينية الشوفينية . يعني أن كل قومية حاكمة للسلطة السياسية لها كل الحق في إدارة السياسة والثروة القومية والوطنية . وكل مخالف لقوميته ليس له أي حق سوى العبودية .
وكذلك كل دين مذهبي حاكم للسلطة السياسية له الحق الإنساني في إدارة السلطة السياسية والثروة الوطنية . وكل مخالف لمذهبه ليس له أي حق سوى حق أهل الذمة وفي هذه الحالة تعتبر الديمقراطية القومية سواء أكانت عربية أو فارسية أو تركية الشعب الكردي بعشرين مليون في تركيا وعشرة ملايين مع العرب وثمانية ملايين مع الفرس عبيداً . ليس لهم أي حق إنساني ولا يملكون سوى حق العبودية . وفي هذه الحالة يحق للعربي القومي والتركي والفارسي أن يسلب مال الكردي واغتصاب عرضه
وحرق مزارعه وقراه وقتلهم للتمتع والتدريب على إصابة الهدف وتكون التهم جاهزة : انفصالي ، عميل لقوى خارجية ، خائن ، إرهابي ، إلخ … كل هذا الحق أعطي للعربي والفارسي والتركي في الدستور للأمم الثلاثة . لأن عدم ذكر الكردي . وبالتالي عدم ذكر أية حقوق إنسانية له . وهذا يعني أن حياته في كل زمان ومكان معرضة للذبح . فليس للكردي سوى حق تقديم العلف له : زيت ، سكر ماء ورز بغية تسمينه ليكون مهيئاً للذبح تماماً كما يربى الحيوان . وفي هذه الحالة تكون كلمة الانفصال والخيانة والعمالة للأجنبي جاهزة لاستخدامها ضد الكردي سواء من قبل العربي أو الفارسي أوالتركي مهما تكن مستوى مسؤوليته سواء أكان كبيراً أو صغيراً وحتى المستخدم في دائرة حكومية له الحق في ذلك . ولكي ينقذ الكردي حياته من الموت فلا بد من أن
يدفع … ومن هنا بدأ مرض الفساد والكسب الحرام . وبدأ يفتك بحرية المواطن الكردي كلٌ من المواطن العربي والفارسي والتركي . ولم تسلم الإرادة الوطنية من هذا المرض وبدأنا نفقدها . هذا المرض أو هذا الكسب الحرام فتح المجال أمام التدخلات الخارجية لتطيح بحرية مواطننا وإرادتنا الوطنية على السواء . إن خلو دساتيرنا من الحق القومي والوطني والإنساني للشعب الكردي قد خلق مرضاً آخر في سيكولوجية العربي والفارسي والتركي وهو انتعاش الغرائز الوحشية في الإنسان والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان . وقتل الضمير الحي في الإنسان .
إن فلسفة الديمقراطية القومية والدينية الشوفينية التي كانت مصدراً لسن دساتيرنا والتي اعتبرت الأكراد عبيداً ومواطنين وافدين من الدرجة الثانية وإطعامهم بالعلف لكي يسمنوا ثم يقادوا للذبح أو تكون أجسادهم دريئة لتجرب عليها الأسلحة لإصابة الهدف . إن هذه الأسلحة التي دفع ثمنها من مال الوطن والأمة لتستخدم ضد الاعتداءات والغزوات الخارجية . تتحول إلى قتل الكردي . وهذا ما حصل في العراق . فخلال ثمانين عاماً من عمر تشكيل دولة العراق . لم تحل مشكلة الشعب الكردي الحقوقية
الدستورية . وتم التعامل مع الشعب الكردي وفق فلسفة الديمقراطية القومية الشوفينية . فكم مرة أمر الجيش العراقي وكل الأجهزة الأمنية السرية المرافقة له بأن يقوم بحملات إبادة جماعية وتدمير القرى والمزارع الكردية وانتهاك أعراضه . ولم يتوقف هذا الأمر باستعمال الأسلحة التقليدية . بل تعدى إلى استخدام الأسلحة الكيمياوية ذات التدمير الشامل . ليبيد الشعب الكردي عن بكرة أبيه وبوحشية لا تليق بالإنسان ، إن هذه الغريزة تعود للكائنات الأخرى لشريعة الغاب ، وليس في دساتير بني البشر . فبدلاً من حل المشكلة على أساس دستوري وحقوقي لجأت كل الحكومات المتعاقبة على الغريزة الوحشية لحل المشكلة . ولم تحل المشكلة ، وكانت النتيجة فقدان حرية المواطن العراقي وإرادته الوطنية بالكامل فلماذا الصراخ والعويل اليوم على ما فقدوه ، إن ما زرعتم حصدتم .
ولا يقع اللوم على أحد . عندما تعود الجيش العراقي وأجهزته الأمنية السرية على هذه الغريزة الوحشية لم يتوقف عند هذا ولم يبقِّ غريزته مسلطة على رقاب الكردي فقط بل تعدى إلى إعلان الحرب على إيران . وانقلب على أخيه العربي الكويتي بالذات . فظهرت هذه الغريزة الوحشية بأبشع صور تم تدمير كل البناء التحتي لدولة الكويت وسلب كل ممتلكات مؤسسات الدولة . واغتصاب النساء كانت نتيجتها عشرة آلاف طفل غير شرعي كما نقلت إلينا الصحافة . ولكن هل توقفت هذه الغريزة الوحشية عند هذا الحد ؟
ونتابع طريق الحقيقة :
لقد انقلبت هذه الغريزة الوحشية على الشعب العراقي بالذات وكانت نتيجة هذه الغريزة الوحشية دفن مليون ربما أكثر في قبور جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً .
وهل توقف ضرر الكسب الحرام عند حدود منطقة الشرق الأوسط فقط . نقول كلا . لقد حاولت السلطة السياسية العراقية نشر مرض الفساد إلى العالم المتحضر شرقاً وغرباً فقدمت رشوة سخية لروسيا عقداً بأربعين مليار دولار دفعة واحدة ومثلها لفرنسا وألمانيا وحاولت إفساد ضمائرهم بهذه الرشوة علهم يستطيعون منع الحرب القادمة على النظام ، والغريب في الأمر أن فرنسا وروسيا وألمانيا كانوا يدركون تماماً بأن الحرب واقعة ومع ذلك قبلوا بالقرش الحرام وباعوا حقهم بالفيتو بالكسب الحرام ومع ذلك لم ينفعهم هذا القرش الحرام في شيء ، بل كان الضرر على الشعب العراقي كبيراً ، لقد امتد ضرر القرش الحرام ليطال شريحة واسعة من المثقفين والسياسيين العرب بدءاً من الخليج وحتى المحيط . فها هي الصحافة تنشر غسيل القرش الحرام لإفساد ضمائر كثير من المثقفين والسياسيين الذين نراهم يصرخون ويولولون على شاشات التلفزة دفاعاً عن العروبة والعرب وينفخون روح المقاومة في نفوس الناس البسطاء علهم يستطيعون أن ينعموا بأثمان هذه الكوبونات البترولية . وبهذا القرش الحرام . ولكن السؤال الذي يفرض نفسه علينا : ترى هل نفع القرش الحرام أصحابه بالذات ؟
وإليكم الجواب :
لقد بنت القيادة السياسية العراقية من أكبر عنصر إلى أصغر عنصر بالقرش الحرام القصور الفخمة مجهزة بكافة المستلزمات والمفروشات العصرية وحدائق الحيوانات الكاسرة والنساء الجميلات والخدم والحشم وعشرات الألوف من الحراس الذين كانت تدفع رواتبهم من أموال الشعب ومن الدخل القومي .
لقد أسست القيادة السياسية العراقية بالقرش الحرام أجهزة أمنية ضخمة مكشوفة وسرية بغية الحفاظ على أمنها السياسي . ترى هل نفعت هذه الأجهزة الأمنية العسكرية والسرية والتي صرفت عليها المليارات من الدخل القومي للحفاظ على أمن الوطن والأمن السياسي لأصحاب الكسب الحرام .
وإليكم وصفاً للمشهد التراجيدي الذي شاهدناه وشهده العالم كله للعراق عند ساعة الامتحان لأصحاب القرش الحرام وكامل أجهزتهم العسكرية والأمنية السرية والذين كانوا أبطالاً على شعوبهم تركوا وراءهم كل القصور التي بنيت بالقرش الحرام وانتقلوا مسرعين يختبؤون في الجحور . واختفت معهم كل الأجهزة الأمنية وكما يقول المثل الشعبي المصري : (( فص ملح وداب )) . تركوا الوطن العراقي بأرضه وشعبه يتخبط ويحترق بنيران الفوضى الأمنية وبدأ السلب والنهب وتصفية الحسابات القديمة بين الناس وزهق أرواح عشرات الألوف من البشر . هذا ما حدث للعراق نتيجة الركض وراء كسب القرش الحرام ، ولكن هل انتهى مسلسل كسب القرش الحرام ، وإليكم مشهداً تراجيدياً آخر من هذا المسلسل :
مؤتمر القمة العربية :
هذا المؤتمر الذي كان من المفروض أن ينعقد في نهاية شهر آذار عام 2004 مـ والذي كان يمثل الأمل الأخير للأمة العربية من المحيط إلى الخليج معلقاً عليه آمالاً كبيرة نظراً للظروف الصعبة والخطيرة التي تحيط بالمنطقة . وفجأة تنقل وسائل الإعلام خبراً بإلغاء المؤتمر وتأجيله إلى أجل غير مسمى .
ترى ما السبب الذي أدى إلى هذا الانهيار التراجيدي للمؤتمر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وكالعادة بدأت عبقرية المثقفين الانتهازيين والسياسيين والمحللين يحملون مسؤولية ذلك إلى الإمبريالية والصهيونية والرجعية والانفصاليين والخارجين على القانون …إلخ …إلخ …إلخ من هذه الكليشات الجاهزة والتي نسمعها منذ خمسين عاماً .
وطريق الحقيقة يملك جزءاً من الحقيقة ومن حقه أن يعبر عنها ، ولا يدعي أن ما يقوله يمثل الحقيقة المطلقة ومن حق أي إنسان أن يرفضها أو يقبلها إذا كان يرى فيها الحقيقة .
طريق الحقيقة يقول : إن السبب وراء انهيار القمة العربية هو الكسب الحرام وإليكم الدليل على ذلك :
إن ظهور مفهوم جديد في برنامج مؤتمر وزراء الخارجية العرب والذي يسبق القمة دائماً ، هذا المفهوم الجديد هو كلمة
(( الإصلاح )) . إن ظهور هذا المفهوم نتيجة ذلة لسان أو خطأ مطبعي في جدول أعمال مؤتمر وزراء الخارجية العرب كان السبب في نسف مؤتمر القمة للزعماء العرب من أساسه . لقد أوقع هذا المفهوم وزراء الخارجية العرب في ورطة وبقوا لعدة أيام حائرين أمام هذا المفهوم الإصلاحي الجديد أو الأصح بأن نسميه هذا الشيطان الأكبر .
ومفهوم الإصلاح يعني خطوة صغيرة لإلغاء الكسب الحرام وبدايةً لسلوك طريق الكسب الحلال . وهذا يعني بداية فقدان القصور الفخمة والمزارع والدواجن والرساميل الضخمة المودعة في البنوك الأجنبية والسيارات الفاخرة . وهذا يعني أيضاً الرجوع إلى الحقل لفلاحة الأرض أو إلى الدكان للبيع والشراء من أجل الكسب الحلال . وهذا يتطلب جهداً عضلياً وفكرياً ونفسياً وهذا أمر مستحيل بعد كل هذه النعم التي حصلوا عليها ، فلم يكن هناك طريق أو حل آخر سوى نسف القمة العربية من أساسها وتأجيلها إلى أجل غير مسمى بغية إيجاد فتوى لهذا المفهوم الغريب ولهذا الشيطان الأكبر الذي يسمى بالإصلاح .
إن هذا الشيطان الأكبر يعني الإصلاح السياسي أولاً ومن ثم الإصلاح الحقوقي ثانياً والثقافي ثالثاً والاجتماعي رابعاً ومن ثم ليشمل كل زاوية عفنة .
وهذا يحتاج إلى سنين وربما إلى قرون . إن القمم العربية غير معتادة وغير مهيأة لها . لا ثقافياً ولا نفسياً ولا سياسياً ولا طبقياً .
إن العادة الدارجة في كل المؤتمرات السابقة كانت عبارة عن إصدار بيانات للشجب والاستنكار وتحميل المسؤولية للإمبريالية والصهيونية والرجعية … … … … ومناشدة العالم لمساندة قضيتنا العادلة ثم ينصرف كل زعيم إلى مزرعته الخاصة والتي هي بحاجة إلى جهده ، ولا يوجد عنده وقت يضيعه في مناقشة تلك المفاهيم المعقدة كمفهوم الإصلاح ، لأن هذا الشيطان الأكبر قد يكشف الغطاء عن أمور وأسرار غريبة وعجيبة ، وشعوبنا بغنى عن سماعها وهو في صراعه مع الإمبريالية والصهيونية والرجعية والإنفصالية والخونة … الخ … الخ وليس هناك صوتاً يعلو على صوت المعركة . وهكذا وجدوا حلاً لمؤتمر القمة .
أما آمال الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج والذين يحترقون بنار الكسب الحرام والذين يحلمون بتأمين ثمن رغيف الخبز اليومي فقد أوجدوا حلاً لهذه المشكلة العويصة التي تزعجهم . فكان جوابهم لشعوبهم كجواب ملكة فرنسا قديماً . أما ماذا كان جواب ملكة فرنسا ؟..
عندما تظاهر الألوف المؤلفة من البشر الجائعين والحفاة والعراة أمام قصر الملكة الفخم وهم يصرخون نريد الخبز … نريد الخبز… لا يوجد خبز. أطلت الملكة على هذه الجماهير الحاشدة الغاضبة والصارخة وسألت أحد وزرائها : ماذا يريدون ؟ فرد عليها الوزير : إنهم يريدون الخبز .. لأن الخبز غير موجود . ف